كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

شهواتها التي في نيلها رداها، ومنعها من الركون إلى لذاتها، ومطالبة ما
استدعته العيون الطا محة بلحظاتها؛ لتنال نصيبها من كرامته وثوابه
موفرا كاملا، وتلتذ آجلا بأضعاف ما تركته لله عاجلا، وأمرها بالصيام
عن محارمه؛ ليكون فظرها عنده يوم لقائه، و خبرها أن معظم نهار
الصيام قد ذهب، و ن عيد اللقاء قد اقترب، فلا يظول عليها الامد
باستبطائه.
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ويذهب هذا كله ويزول (1)
هياها لامر عظيم، وأعدها لخطب جسيم، وذخر لها ما لا عين رأت،
ولا ذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر من النعيم المقيم (2). واقتضت
حكمته البالغة أنها لا تصل إليه إلا من طريق المكاره والنصب، ولا تعبر
إليه إلا على جسر المشقة والتعب، فحجبه بالمكروهات صيانة له عن
الانفس الدنيات، المؤثرة للرذائل والسفليات، وشمرت إليه النفوس
العلويات، والهمم العليات، فامتطت في السير إليه ظهور [3 أ]
العزمات (3)، فسارت في ظهورها إلى أشرف الغايات:
__________
(1) ذكره المؤلف في " بدائع الفوائد" (2/ 672) بلا نسبة ه وللبهاء زهير بيت يشبهه في
ديوانه (ص 0 1 2).
(2) كما في ا لحديث الذي أخرجه البخاري (4 4 32) ومسلم (4 282) عن أ بي
هريرة.
(3) " والهمم. 0 العزمات " ساقطة من ش.

الصفحة 9