كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

فأصحاب الامر حرب لاصحاب القدر حتى يردوهم إلى الامر،
وأصحاب القدر يحاربون أصحاب الامر حتى يخرجوهم منه، فالرسل
دينهم الامر مع إيمانهم بالقدر وتحكيم الامر عليه، وإبليس وأتباعه دينهم
القدر ودفع الامر به، فتأمل هذه المسألة في القدر والأمر، وانقسام العا لم
فيها إلى هذه الاقسام ا لخمسة، وبالله التوفيق.
فحركات العا لم العلوي والسفلي وما فيهما موافقة للأمر؛ إما الأمر
الديني الذي يحبه الله ويرضاه، وإما الامر الكوني الذي قدره وقضا 5،
وهو سبحانه لم يقدره سدى، ولا قضاه عبثا، بل لما له فيه من الحكم (1)
والغايات ا لحميدة، وما يترتب عليه من أمور يحب غايا تها وإن كره
أسبابها ومبادئها، فانه سبحانه وتعالى يحب المغفرة، وإن كره معاصي
عباده، ويحب الستر، وإن كره ما يستر عبده عليه [25 أ]، ويحب العتق،
وإن كره السبب الذي يعتق عليه من النار، ويحب العفو، كما في
ا لحديث: " اللهم انك عفو تحب العفو، فاعف عني " (2)، وإن كره ما
يعفو عنه من الأوزار، ويحب التوابين وتوبتهم، وإن كره معاصيهم التي
يتوبون إليه منها، ويحب ا لجهاد و هله، بل هم أحب خلقه إليه، وان كره
(1) ش:"الحكمة ".
(2) أخرجه أحمد (6/ 182، 183، 08 2)، و [لترمذي (13 35)، و لنسائي في الكبرى
(7665)، و 1 بن ماجه (0 385) من حديث عالشة. وصححه ا لحاكم في المستدرك
(1/ 0 53).
99

الصفحة 99