كتاب اجتماع الجيوش الإسلامية ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

تعالى إليها (¬1) فجعلها هباءً منثورًا (¬2)، ولصاحبها نصيب وافر من قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف/ 103، 104].
وهذا حال أرباب الأعمال التي كانت لغير الله عز وجل، أو على غير سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحال أرباب العلوم والأنظار التي لم يتلقوها عن مشكاة النبوة، ولكن تلقوها عن زبالة أذهان الرجال وكناسة أفكارهم [ب/ ق 16 ب] فأتعبوا (¬3) قواهم وأفكارهم وأذهانهم في تقرير آراء الرجال أو الانتصار لهم، وفَهم ما قالوه وبثّه في المجالس والمحاضر، وأعرضوا عما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفحًا.
ومن به رمق منهم يعيره أدنى التفات طلبًا للفضيلة. وأما تجريد اتباعه وتحكيمه، واستفراغ (¬4) قوى النفمس في طلبه وفهمه، وعرض آراء الرجال عليه، وردّ ما يخالفه (¬5) منها، وقبول ما وافقه ولا يلتفت إلى شيء من آرائهم وأقوالهم (¬6) إلا إذا أشرقت عليها شمس الوحي وشهد
¬__________
(¬1) في (ب): "عليها"، والمثبت أولى.
(¬2) يُشير إلى قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان/ 23].
(¬3) في (ب، ت): "فأتبعوا"، وهو خطأ.
(¬4) في (مط): "وتفريغ".
(¬5) في (أ، ت): "خالفه".
(¬6) من قوله: "ورد ما يخالفه" إلى هنا سقط من (ب).

الصفحة 78