كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

الفرقة الواحدة الناجية، وهم المذكورون في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك»، وهم في آخر الزمان الغرباء المذكورون في الأحاديث؛ الذين يصلحون إذا فسد الناس، وهم الذين يصلحون ما أفسد الناس من السنة، وهم الذين يفرُّون بدينهم من الفتن، وهم النّزّاع من القبائل؛ لأنهم قلُّوا فلا يوجد في كل قبيلة منهم إلا الواحد والاثنان، وقد لا يوجد في بعض القبائل منهم أحد كما كان الداخلون في الإسلام في أول الأمر كذلك، وبهذا فسر الأئمة هذا الحديث، قال الأوزاعي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ»: أما إنه ما يذهب الإسلام، ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في البلد منهم إلا رجل واحد.
ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيرا مدح السنة، ووصفها بالغربة ووصف أهلها بالقلة، فكان الحسن رحمه الله تعالى يقول لأصحابه: يا أهل السنة، ترفقوا رحمكم الله، فإنكم من أقل الناس.
وقال يونس بن عبيد: ليس شيء أغرب من السنة، وأغرب منها من يعرفها.
ورُوي عنه أنه قال: أصبح من إذا عرّف بالسنة فعرفها غريبا، وأغرب منه من يعرفها.
وعن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيرا، فإنهم غرباء.
ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة: طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات، ولهذا كان الفضيل بن عياض

الصفحة 14