كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

غريبا كما بدأ، وعاد وصف الحق فيه غريبا كما بدأ، إن ترغب فيه إلى عالم وجدته مفتونا بحب الدنيا يحب التعظيم والرياسة، وإن ترغب فيه إلى عابد وجدته جاهلا في عبادته مخدوعا، صريع عدوّه إبليس، قد صعد به إلى أعلى درجة العبادة وهو جاهل بأدناها فكيف له بأعلاها! وسائر ذلك من الهمج، همج عوج، وذئاب مختلسة، وسباع ضارية، وثعالب ضوار؛ هذا وصف عيون أهل زمانك من حملة العلم والقرآن ودعاة الحكمة. خرَّجه أبو نعيم في الحلية، فهذا وصف أهل زمانه فكيف بما حدث بعده من العظائم والدواهي التي لم تخطر بباله ولم تدر في خياله. انتهى.
قلت: وقد روى البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده وفي كتاب الزهد بأسانيد صحيحه عن أم الدرداء قالت: دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله ما أعرف من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - شيئا إلا أنهم يصلون جميعا.
ورواه الحافظ محمد بن وضاح في كتاب "البدع والحوادث" بإسناده إلى أم الدرداء فذكره، قال: وفي لفظ: لو أن رجلا تعلم الإسلام وأهمه، ثم تفقده ما عرف منه شيئا.
وروى أيضا بإسناده عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: لو خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة. قال الأوزاعي رحمه الله: فكيف لو كان اليوم؟! قال عيسى -يعني الراوي عن الأوزاعي-: فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟!

الصفحة 19