كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

أمتي الذين بُعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، والآخر شر إلى يوم القيامة».
وجاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأصحابه: «أنتم خير من أبنائكم، وأبناؤكم خير من أبنائهم، وأبناء أبنائكم خير من أبنائهم، والآخر شر إلى يوم القيامة». انتهى.
فكلما طال الأمد وبَعُد العهد بآثار النبوة زاد الشر، وكثر النقص والتغيير في أمور الدين كما دلت على ذلك الأحاديث وشهد به الواقع، فياليت شعري ماذا يقول أبو الدرداء، وأنس، وعبد الله بن عمرو، وأبو هريرة، ومالك بن أبي عامر، ومعاوية بن قرة، والحسن البصري، وميمون بن مهران، وأحمد بن عاصم لو رأوا ما وقع بعدهم من الحوادث الكثيرة، والفتن التي يُرقِّق بعضها بعضا؟! وماذا يقول ابن القيم، وابن رجب لو رأيا غربة الإسلام الحقيقي وأهله في أواخر القرن الرابع عشر كيف اشتدت واستحكمت؟! وماذا يقولون كلهم لو رأوا هذه الأزمان التي لم يبق فيها من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه؟!
قد رفعت فيها رايات الكفر والنفاق، وبلغت روح العلم والإيمان إلى التراقي، وقيل من راق، وظن أنه الفراق، ونزل فيها الجهل وظهر وثبت، وبث في مشارق الأرض ومغاربها كل البثّ، ونثّ بين الناس كلهم غاية النثّ، وهُجرت فيها السنة النبوية والطريقة السلفية، وهان أهلها على الناس، وتُرك فيها الجهاد في سبيل الله عز وجل، وضعف فيها جانب الأمر بالمعروف حتى أشفى على العدم، وفشت فيها المنكرات وظهرت ولم

الصفحة 23