كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان.
الحديث العاشر: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب الذئاب، يقول الله: أبي تغترون أم عليّ تجترئون؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا» رواه الترمذي.
قوله: «يختلون الدنيا بالدين» يعني أنهم يطلبون الدنيا بأعمال الآخرة، والختل: الخداع، يقال: ختله يختله إذا خدعه وراوغه، وهذا يطابق حال الذين اتخذوا قراءة القرآن وتعلم العلم وتعليمه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والأذان والإمامة وغير ذلك من الأمور الدينية طرقا للتكسب وجمع الأموال، وهو بالقُرَّاء الفسقة أخص لما يأتي في حديثي معاذ وحذيفة -رضي الله عنهما- من التصريح بذلك، والله أعلم.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في شعب الإيمان، والبغوي في تفسيره عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بشر هذه الأمة بالسناء، والدين، والرفعة، والنصر، والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب».
وقوله: «يلبسون للناس جلود الضأن من اللين» كناية عن تملقهم للناس وتحسين الخُلُق في وجوههم وإظهار البشاشة لهم واللين معهم، وكل ذلك منافقة باللسان وتكلف وتصنع في الظاهر، وأما في الباطن فهم

الصفحة 35