كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

سمعت سعيد المقبري يذاكر محمد بن كعب القرظي فقال سعيد: إن في بعض الكُتُب «إن عبادا ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، لبسوا للناس مُسُك الضأن من اللين، يجترئون الدنيا بالدين، قال الله تعالى: عليّ تجترئون! وبي تغترون! وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيرانا»، فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله، فقال سعيد: وأين هو من كتاب الله؟ قال: قول الله {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية، فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.
الحديث الثاني عشر: عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير، ويهرم فيها الكبير، ويتخذها الناس سنة، فإذا غيرت قالوا: غيّرت السنة؟» قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: «إذا كثرت قراؤكم، وقلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتُمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقِّه لغير الدين» رواه عبد الرزاق والدارمي والحاكم في مستدركه، ورمز الذهبي في تخليص المستدرك إلى أنه على شرط البخاري ومسلم.
وهذا الأثر له حكم المرفوع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي.
وقد رواه أبو نعيم في الحلية مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: والمشهور من قول عبد الله موقوف.
الحديث الثالث عشر: عن علي - رضي الله عنه - أنه ذكر فتنا تكون في آخر الزمان فقال له عمر - رضي الله عنه -: متى ذلك يا علي؟ قال: «إذا تفقه لغير الدين، وتعلم

الصفحة 44