كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 2)

والسير على منهاج السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، والغرض منها تجديد ما اندرس من أمور الإسلام، وإصلاح ما أفسده الناس من السنة النبوية، فقد أيدها الله تعالى بالجهابذة المحققين يجادلون من عارضها بالحجة والبرهان، وأيدها بالأبطال الشجعان يجالدون من عاندها بالسيف والسنان، فأصبح الإسلام بعد طول اغترابه ظاهرًا عزيزًا، وجعل الله للطائفة المنصورة بفضله ونعمته دولة عظيمة ذات شوكة قوية وبأس شديد بعد ما كانوا قليلًا غرباء مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس، فآواهم الله وأيدهم بنصره، ورزقهم من الطيبات لعلهم يشكرون.
فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضي، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، وقد قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7]، وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ} [الحج: 40 - 41]، وقد جعل الله لأهل هذه الدعوة المباركة نصيبا وافرًا مما وعد به في هذه الآيات، والله المسؤول أن لا يغير ذلك عليهم إنه جواد كريم.

الصفحة 515