كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

الأحاديث ما وقع في زماننا من كثير من المنتسبين إلى العلم، فقد رأينا كثيرا منهم يقومون في المسجد الحرام وفي غيره من المساجد فيتكلمون بملء أفواههم، ويكثرون الهذيان والثرثرة ويرفعون بذلك أصواتهم ليراهم الناس ويَسمعوهم، وكثير منهم يَقُصُّون على الناس ويخطبون ابتداء من عند أنفسهم من غير أن يؤمروا بذلك، وقد سمعنا كثيرا منهم يتكلمون في تفسير القرآن بآرائهم ويحاولون تطبيقه على الآراء والأذواق والأفعال العصرية، ويتكلمون في بعض الأحاديث بنحو ذلك، وقد قال الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيلِهِ} [آل عمران: 7]، هذا مع ما عليه كثير منهم من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، فقد سمعت بعضهم في المسجد الحرام يتوسل في دعائه ببعض المخلوقات، وسمعت كثيرا منهم في غيره يتكلمون بالشرك والبدع والضلالات، وكثير منهم يحلقون لحاهم أو ينتفونها ويشتبهون بأعداء الله، ومخالفون ما أمرهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إعفاء اللحى ومخالفة المشركين، وكثير منهم يشربون الدخان الخبيث المسمى بالتتن، وقد ذكر لنا عن بعض هؤلاء المتمعلمين أنه يزعم حِلَّه، وكثير منهم يتخذون آلات اللهو والمعازف ويحضرون عندها، ويستمعون إلى أنواع المحرمات، وربما أضاعوا بعض الصلوات من أجلها، وكثير منهم يشترون المصورات ويقتنونها، وقد ذكر لنا عن بعضهم أنه لا يرى بأسا بالتصوير، عياذا بالله من الجهل.
وكثير منهم يتشبه بالنساء في لبس الأساور وفي التصفيق وغيره، إلى غير ذلك من أنواع الفسوق والعصيان التي قد ارتكبها كثير من الخطباء والقُصَّاص

الصفحة 53