كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 1)

والوعاظ والمذكِّرين في هذه الأزمان، فصلوات الله وسلامه على الرسول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وقد قال الله تعالى: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
وروى الطبراني والضياء المقدسي عن جندب - رضي الله عنه - مرفوعا: «مثل العالم الذي يُعلِّم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه، ومن سمَّع الناس بعلمه سمَّع الله به».
وروى الطبراني أيضا والبزار عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - مرفوعا: «مثل الذي يُعلِّم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها».
وروى الإمام أحمد في الزهد، وأبو نعيم في الحلية، عن مالك بن دينار قال: أوحى الله إلى عيسى - عليه السلام - أن يا عيسى عِظ نفسك، فإن اتعظت فعظ الناس، وإلا فاستحِ منِّي.
ومن حِكَم الشعر قول بعضهم:
وغير تقيٍّ يأمر الناس بالتُّقى ... طبيب يداوي الناس وَهْوَ سقيم
يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام من الضنى ... ومن الضنى تمسي وأنت سقيم
لا تَنْه عن خُلُق وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يُقبَل ما تقول ويُقتدَى ... بالقول منك ويَنفعُ التعليم

الصفحة 54