كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 2)

المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
ثم تأمل سيرة المسلمين مع الكفار على عهد الخلفاء الراشدين؛ فإنهم كانوا يقاتلونهم على الإسلام، لا فرق عندهم بين المعتدين منهم وغير المعتدين، وكانوا يبدءونهم بالقتال إذا لم يقبلوا الدعوة الإسلامية، أو يبذلوا الجزية إن كانوا من أهل الكتاب ونحوهم، وكانوا يتخذون القوة لقتال أعداء الله، وكانوا يستحلون دماءهم وأموالهم وسبي ذراريهم، وكانوا لا يسالمون أحدًا منهم ويتاركونه إلا بجزية يبذلها لهم، أو في هدنة لمصلحة المسلمين.
وكل هذه الأمور المعروفة عنهم ينكر صاحب المقال جوازها، والظاهر من كلامه أنه يكذب بها، فكلامه دائر بين التكذيب بسيرة المسلمين مع أعداء الله، وبين الطعن عليهم فيما يفعلونه مما زعم أن الإسلام لا يجيزه، فعلى ما قرره شيخ الإسلام قدس الله روحه في الجواب الأول ينبغي استتابة صاحب المقال؛ وتأديبه بما يليق بجرمه، وأنه لو كان في جماعة ممتنعة يرون رأيه وجب قتالهم حتى يتوبوا عن رأيهم الفاسد الذي شذوا به عن جماعة المسلمين وعارضوا به نصوص القرآن والسنة، والله المسؤول أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويقيم لدينه حماة يجاهدون المبطلين بالحجة والبرهان، ويجالدون المعاندين بالسيف والسنان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

الصفحة 933