كتاب غربة الإسلام (اسم الجزء: 2)

جزيرة العرب» مالك، والشافعي، وغيرهما من العلماء، فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب، وقالوا: لا يجوز تمكينهم من سكناها، ولكن الشافعي خص هذا الحكم ببعض جزيرة العرب، وهو الحجاز، وهو عنده مكة، والمدينة، واليمامة وأعمالها، دون اليمن وغيره مما هو من جزيرة العرب، بدليل آخر مشهور في كتبه وكتب أصحابه.
قال العلماء: ولا يُمنع الكفار من التردد مسافرين في الحجاز، ولا يُمكّنون من الإقامة فيه أكثر من ثلاثة أيام.
قال الشافعي وموافقوه: إلا مكة وحرمها، فلا يجوز تمكين كافر من دخوله بحال، فإن دخل في خفية وجب إخراجه، فإن مات ودفن فيه نبش وأخرج ما لم يتغير، هذا مذهب الشافعي وجماهير الفقهاء.
وجوز أبو حنيفة دخولهم الحرم.
وحجة الجماهير قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] والله أعلم. انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى.
وما ذكره عن الشافعي من تخصيص الحكم ببعض جزيرة العرب مردود بعمومات الأحاديث الصحيحة التي تقدمت في أول الفصل، والله أعلم.
وهذه المسائل التي ذكرها النووي في شرح مسلم قد ذكرها الشيخ أبو محمد المقدسي مستوفاة بأدلتها وتعاليلها في كتاب الجزية من (المغني)، وذكر أيضا ما يتعلق بها من المسائل مما لم يذكره النووي، وكذا ذكرها غيره من أصحابنا وغيرهم من العلماء، فمن أراد الوقوف على ذلك فهو سهل يسير بحمد الله تعالى.

الصفحة 950