كتاب القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد

أعوزهم الدَّلِيل وَضَاقَتْ عَلَيْهِم الْحَادِثَة ثمَّ لَا يبرمون أمرا إِلَّا بعد التراود والمفاوضة وَمَعَ ذَلِك فهم على وَجل وَلِهَذَا كَانُوا يكْرهُونَ تفرد بَعضهم بِرَأْي يُخَالف جَمَاعَتهمْ حَتَّى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة السَّلمَانِي لعَلي بن أبي طَالب لرأيك مَعَ الْجَمَاعَة أحب إِلَيْنَا من رَأْيك وَحدك
رَابِعا
وَاحْتَجُّوا أَيْضا بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي وَهُوَ طرف حَدِيث الْعِرْبَاض ابْن سَارِيَة وَهُوَ حَدِيث صَحِيح وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر وَهُوَ حَدِيث مَعْرُوف مَشْهُور ثَابت فِي السّنة وَغَيرهَا وَالْجَوَاب إِن مَا سنه الْخُلَفَاء الراشدون من بعده فالأخذ بِهِ لَيْسَ إِلَّا لأَمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَخْذِ بِهِ فَالْعَمَل بِمَا سنوه والإقتداء بِمَا فَعَلُوهُ هُوَ لأَمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لنا بِالْعَمَلِ بِسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين والإقتداء بِأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَلم يَأْمُرنَا بالإستنان بِسنة عَالم من عُلَمَاء الْأمة وَلَا أرشدنا إِلَى الإقتداء بِمَا يرَاهُ مُجْتَهد من الْمُجْتَهدين فَالْحَاصِل إِنَّا لم نَأْخُذ بِسنة الْخُلَفَاء وَلَا اقتدينا بِأبي بكر وَعمر إِلَّا امتثالا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي وَبِقَوْلِهِ اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر فَكيف يسوغ لكم أَن تستدلوا بِهَذَا الَّذِي ورد فِيهِ النَّص على مَا لم يرد فِيهِ فَهَل

الصفحة 28