كتاب علم المقاصد الشرعية

زيادة التأكيد على الفعل والالتزام؛ ففي مثال طلب العلم، يكون المقصد الأعلى كما ذكرنا يتعلق بالتعبد والطاعة وتخليص نية المتعلم والعالم من الشرك والرياء وحب السمعة الشهرة، ولذلك وقع التأكيد في مواضع كثيرة، وبصيغ وكيفيات قاطعة وملزمة على تحري ذلك المقصد وتحصيله وملازمته.
أما المقصد التابع فيتمثل في شرف المرتبة، ونفوذ القول، وجلب الاحترام والتقدير، وحظ التقديم والتفضيل، وغير ذلك ما هو مرجو، ومقصود من قبل صاحب العلم وعموم الناس، ولا يحتاج إلى زيادة التشديد في طلبه والتأكيد على فعله واستحضاره؛ ففطرة الإنسان آيلة إليه، وطباع البشر وجبلاتهم تنشده وتسعى إليه، وتجاهد من أجل تحصيله وتحقيقه.
مرتب المقاصد التابعة وحكمها وحجيتها:
قلنا: بأن المقاصد التابعة تخدم وتكمل المقاصد الأصلية؛ فبينها وبين المقاصد الأصلية علاقة تكامل وتتميم، فانتفاء المقاصد الأصلية يؤدي لا محالة بصورة قطعية ويقينية إلى تفويت وتعطيل المقاصد التابعة، أما اختلال أو انتفاء المقاصد التابعة؛ فإنه يؤدي إلى اختلال أو انخرام كلي أو أغلبي للمقاصد الأصلية، وعليه فإن مراتب المقاصد التابعة من حيث تعلقها بالمقاصد الأصلية، أو من حيث تأكيدها وخدمته للمقاصد الأصلية ثلاث مراتب:

الصفحة 160