كتاب شرح القواعد الأربع

ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى: {أَفَرَءيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الاخْرَى} [النجم: 19، 20].
وحديث أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال - رضي الله عنه -: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ... "الحديث (¬1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مما يجب أن يُعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه الله لدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده لا شريك له وجد أناساً أشتاتاً في عباداتهم وشركهم، كل له معبود، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:31 ـ 32] فمنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كفرهم كلهم، وقاتلهم كلهم، ولم يفرق بينهم.
فلا نقول: هذا يعبد الملائكة، والملائكة لهم شأن وفضل، لا؛ بل كل من عَبَد مع الله غيره فهو مشرك كافر؛ فإن العبادة حقٌ لله لا يجوز صرفها لغيره لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، قال سبحانه وتعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 39]، أي: حتى لا يكون شرك، فأمر الله بقتال الكفار كلِّهم دون فرق.
ثم ذكر الشيخ الآيات التي تدل على وجود الشرك بهذه الأشياء، فقال: "فدليل الشمس والقمر" أي الدليل على أن بعض الناس عبَد الشمس والقمر، قوله تعالى: {وَمِنْ ءايَاتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَهُنَّ}، فنهى عن
¬__________
(¬1) رواه أحمد (5/ 218)، وصححه الترمذي (2180) وابن حبان (6702).

الصفحة 21