كتاب شرح القواعد الأربع

والدليل على أن من الناس من يعبد الشجر والحجر، قوله تعالى: {أَفَرَءيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الاخْرَى} والعزى: شجرة، وقيل: ثلاث سمرات في وادي نخلة.
ومناة: صنم بقُدَيْدٍ تعظمه الأوس والخزرج.
واللات: صخرة بيضاء منقوشة بالطائف، وعليها بيت له أستار وسَدَنة، وقيل: كان اللَّات رجلا يلُتُّ سَويق الحاج، فلما مات عكفوا على قبره. (¬1)
والدليل من السنة على عبادة الأشجار حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه، قال:" خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين " أي: حين خرجوا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى حنين لقتال هوازن، قال: "ونحن حدثاء عهد بكفر" أي: أن عهدهم بالكفر قريب؛ لأنهم من مسلمة الفتح. قال: "وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط " أي: اجعل لنا سدرة ننوط بها أسلحتنا - والنوط: التعليق (¬2) - ونتبرك بها، وذلك لجهلهم، ولقرب عهدهم بالكفر لم يتخلصوا من جذوره وأصوله، ولذا أغلظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم في الكلام فقال - صلى الله عليه وسلم -: " قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَّنَا إِلَاهًا كَمَا لَهُمْ ءالِهَةٌ} [الأعراف: 138] إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم" لينزجروا ويحذروا، ويعرفوا أن ذلك شرك وباطل.
¬__________
(¬1) جامع البيان (13/ 3/ص 58)
(¬2) لسان العرب: (418)

الصفحة 23