كتاب شرح القواعد الأربع

قال الشيخ رحمه الله:

القاعدة الرابعة
أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائماً في الرخاء والشدة.
والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُوا بِمَا ءاتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعلَمُونَ} [العنكبوت:65] تمت، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشرح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى هذا أن الشرك بعضه أغلظ من بعض، وبعضه أقبح من بعض، والكفر أيضاً يتفاوت، فالملاحدة الجاحدون أغلظ كفراً من المقرين بربوبيته سبحانه وتعالى وإن كانوا مشركين، والذي يدعو إلى الكفر ويصد عن سبيل الله سبحانه وتعالى أغلظ كفراً من الذي لا يدعو وكفره قاصر على نفسه.
ومشركو زماننا أغلظ شركاً من المشركين الأولين، ووجه ذلك أن الأولين كانوا يشركون في الرخاء، أي: في حال السعة والطمأنينة، ولكن الغالب عليهم أنهم يخلصون في الشدائد، وهذا هو الذي حكاه الله عنهم في آيات كثيرة، قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِى الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ} [العنكبوت:65]، {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ

الصفحة 24