كتاب شرح الأصول الثلاثة

{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً} وهو: موسى وهارون عليهما السلام {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} أي: كذَّب فرعونُ موسى وهارون، {فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الاعْلَى} [النازعات:24،23]، قال الله: {فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} أخذه الله أخذا وبيلا، أي: شديدا؛ بأن أغرقه وجنوده في البحر، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخرة والأولى}، فالمعنى: فاحذروا أن تكذبوا رسولكم فيأخذكم كما أخذ فرعون.
والدليل على أن الله خلقنا ورزقنا قوله تعالى:} اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} الآية [الروم:40].
(الثانية: أن الله لا يرضى أن يُشرَك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب ولا نبي مرسل).
وهذه المسألة هي مسألة توحيد العبادة، وهو: إخلاص الدين لله، وإفراد الله بالعبادة، وصرف جميع أنواع العبادة له سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يُشرك معه في عبادته، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، وما دونهما من باب أولى.
(والدليل قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [الجن:18]). فنهى عن دعاء غيره سبحانه.
فتضمنت المسالة الأولى توحيد الربوبية، وتضمنت المسالة الثانية توحيد العبادة، ولا يكون الإنسان مسلما حتى يقر بالتوحيدين جميعا، فلا يكفي الإقرار بتوحيد الربوبية، فقد أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام.
المسألة (الثالثة: أن من أطاع الرسول ووحَّد الله) أن من أطاع الرسول كما في المسألة الأولى، ووحد الله كما في المسألة الثانية (لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب) لا يجوز له أن يحب أعداء الله، وأن يحتفي بهم، وأن يكرمهم وأن يعظمهم، فلا تجوز موالاة من حاد الله ورسوله من الكفار والفجار، والمحادَّة تطلق على:

الصفحة 11