كتاب شرح الأصول الثلاثة

المعاداة والمخالفة الشديدة، ويُعبَّر عنها بالمشاقَّة، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:4].
(والدليل قوله تعالى: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:22]). لا تجد قوما مؤمنين يوالون الكافرين؛ لأنَّ الإيمان يمنع من ذلك، قال الله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِىّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء} [المائدة:81]؛ ولكنهم لا يؤمنون بهذه الثلاثة؛ فاتخذوهم أولياء، وهذا الكلام يعود إلى الذين قال الله فيهم: {تَرَى كَثِيراً مّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِى الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} [المائدة:80]، وهنا قال: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فإذا وجدنا من يواد ويوالي ويعظم الكافرين المحادين لله ورسوله؛ علمنا أنه ليس بمؤمن، لأنَّ المؤمنين لا يكونون كذلك، قال الله: {وَلَوْ كَانُوا ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ} وقال في آية أخرى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا ءابَاءكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِيَاء إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة:23]، {وَلَوْ كَانُوا ءابَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ}.
فهؤلاء المؤمنون الصادقون المعادون لأعداء الله؛ هم الذين كتب الله الإيمان في قلوبهم، {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ} وهؤلاء هم حزب الله، وحزب الله هم المفلحون، وقد ذكر الله هؤلاء في مقابل حزب الشيطان، وهم: الكفار والمنافقون الذين قال الله فيهم: {يَوْمَ

الصفحة 12