كتاب شرح الأصول الثلاثة

الرسل الأولون والآخرون، قال تعالى: {فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَاذَا شَىْء عَجِيبٌ * أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} [ق:2 - 3] وقد أمر الله نبيه أن يقسم بربه على وقوع البعث، قال تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبّى لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن:7]، وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَاتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبّى لَتَاتِيَنَّكُمْ} [سبأ:3]، وقال تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبّى إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس:53].
فالإيمان بالبعث أصل من أصول الإيمان ويُعبر عنه باليوم الآخر، والآيات في ذكر البعث كثيرة جداً، قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه:55] فالله خلق الناس من تراب ثم يعيدهم في التراب ثم يخرجهم تارة أخرى، وقال تعالى: {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} [الأعراف:25] وقال تعالى: {وَاللَّهُ أَنبَتَكُمْ مّنَ الارْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً} [نوح:17] وقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الارْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق:43 - 45] {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون:16].
يقول الشيخ: (ومن كذَّب بالبعث كفر) حتى لو آمن بالله؛ لأنه أنكر أصل من أصول الإيمان، والتكذيب بالبعث يتضمن تكذيب الرسل كلهم (والدليل قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبّى لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن:7]) إذاً؛ إنكار البعث هو من عقائد أهل الكفر كما في هذه الآيات.
والبعث: المراد به إخراج الناس من قبورهم {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} [الأنفطار:4].
والبعث له غاية، وهو: الحساب والجزاء، فالناس بعد البعث محاسبون ومجزيون على أعمالهم، قال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ

الصفحة 44