كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

كذبه؟! وهم أئمة في الجرح والتعديل، فأنتَ بنيتَ حكمكَ على عبارات أخذتها من بعض أهل العلم، وهم نظروا إلى ميراث الرجل في الحديث، فالترمذي وحده روى عنه في أكثر من خمسة وعشرين موضعًا من "جامعه".
ومن هنا يتبين لك اعتدال الحافظ -عليه رحمة الله- بقوله: ضعيف.
فإن ابن حجر جاء بعد جميع من نقلت عنه، فخبر أقوالهم وأحاديث الرجل، وخلُصَ إلى هذه النتيجة، هذا مع الحفظ، وسعة الاطلاع.
ولهذا فإن الشيخ ناصر كان يثني على الحافظ ابن حجر في حكمه على الرجال المختلف فيهم، لأنه خلال خمسين عامًا، وهو يدرس هذا الفن، فخلص إلى أن الحافظ من أكثر أهل العلم رسوخًا في هذا الفن، واعتدالاً في الحكم عل الرجال، وكان يقول: لم تنجب النساء بعد ابن حجر مثله. وهكذا الإمام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحم الله الجميع-.
هذا مع أن محمد بن حميد لم ينفرد به -كما ستعرف-.
أعود إلى الحديث وأقول: إن طرق الحديث كما يأتي:
قال الترمذي رحمه الله في "جامعه" (606): حدثنا محمد بن حميد الرَّازِيُّ حدثنا الْحَكَمُ بن بَشِيرِ بن سَلْمَانَ، حدثنا خَلادٌ الصَّفَّارُ، عن الْحَكَمِ بن عبد اللَّهِ النَّصْرِيِّ، عن أبي إسحاق، عن أبي جُحَيفةَ، عن عَلِيِّ بن أبي طَالِبِ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "سترُ ما بين أَعْيُنِ الجنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدم إذا دخَل أَحَدُهُمْ الْخَلاءَ أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ".
قال أبو عِيسَى: "هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لا نَعْرِفُهُ إلا من هذا الْوَجْهِ، وَإِسْنَاده ليس بِذَاكَ الْقَويِّ، وقد روي عن أَنَسٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَشْيَاءُ في هذا".
وهكذا رواه ابن ماجه رحمه الله فقال في "سننه" (297): حدثنا محمد بن

الصفحة 100