كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب بلفظ الأمر قال: "إذا دخلتم الخلاء، فقولوا: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث"، وإسناده على شرط مسلم، وفيه زيادة التسمية، ولم أرها في غير هذه الرواية".
قلت: وعبد العزيز ثقة، روى له الجماعة.
وقال ابن عبد الهادي في "المحرر": وزاد سعيد بن منصور التسمية في أوله.
والفائدة: أن هذه الروايات الصحيحة تدل على أن البسملة تقال عند دخول الخلاء، وثمرتها ما جاء في حديث علي وأنس السابقين.
ويشهد له أيضًا ما رواه البخاري عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ - رضي الله عنه - رَفَعَهُ قال: "خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وأَجِيفُوا الأبْوَابَ، وأكفتوا صِبْيَانَكُم عِنْدَ الْعِشَاءِ، فإن لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فإن الْفُويسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتْ الْفَتِيلَةَ، فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ" (¬1).
وفي رواية له: "إذا اسْتَجْنَحَ اللَّيْلُ أو كان جُنْحُ اللَّيلِ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فإن الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعَةٌ من الْعِشَاءِ فَخَلَّوهُمْ، وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَاذْكُر اسْمَ اللَّهِ، وَأَطْفِئْ مِصْبَاحَكَ، وَاذْكُر اسْمَ اللَّهِ، وَأَوْكِ سِقَاءَكَ، وَاذْكُر اسْمَ اللَّهِ، وَخَمِّرْ إِنَاءَكَ وَاذْكُر اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ تَعْرُض عليه شيئًا"، وفي رواية: "فإن الشَّيْطَانَ لا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا".
وقد قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 27].
ولا ريب أن ثمرة هذا للمسلم: التعلق بالله، وأن تكون البسملة حجابًا بينه وبين الشياطين.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (3316).

الصفحة 105