كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

وذكر الذهبي في "الميزان" وابن عدي في "الكامل" جملة من الأحاديث استنكرت عليه، ولم يذكروا منها حديث واثلة.
وقال الذهبي: "منصور بن عمار الواعظ أبو السري خراساني، ويقال بصري، زاهد شهير، يروي عن الليث وابن لهيعة، ومعروف الخياط وجماعة، وعنه ابن سليم، وداود، وأحمد بن منيع، وعلي بن خشرم وعدة، وإليه كان المنتهى في بلاغة الوعظ، وترقيق القلوب، وتحريك الهمم، وعظ ببغداد، والشام، ومصر، وبعد صيته واشتهر اسمه" (¬1).
قلت: فالذي يظهر والحالة هذه: أن حديثه يصلح في المتابعات والشواهد، كما قال شيخنا -عليه رحمة الله-.
أما حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده؛ فإنه ضعِّفَ بإبراهيم بن محمد بن يحيى، وقد وثقه عدد من أهل العلم منهم: الشافعي، وابن عدي، والمشهور أنهم يتَّقون حديثه.
وبالجملة: فالحديث لا ينزل عن درجة الحسن، كما قال شيخنا، ويشهد له ما رواه الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفَارِ" (¬2).
وما روياه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ" (¬3). "وقد قال تعالى: " {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95].
أمما قول المستدرك: "ثم هناك علة تقدح في هذا الحديث في جميع طرقه، وهي أن الذين يسلمون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثر جدًّا، ولو كانوا يؤمرون
¬__________
(¬1) انظر: "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" (6/ 521).
(¬2) أخرجه البخاري (5889، 5891، 6297) ومسلم (257).
(¬3) أخرجه البخاري (3356، 3357، 6298) ومسلم (2370).

الصفحة 115