كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

وسئل: يخلل الرجل لحيته إذا توضأ؟ قال: إي والله" (¬1).
ويدلُّ على أن ذلك مقصد شرعي في الوضوء: ما رواه مسلم في "صحيحه" (832) من حديث عمرو بن عبسة، وفيه: "ثُمَّ إذا غَسَلَ وَجْهَهُ كما أَمَرَهُ اللهُ، إلاَّ خَرَّتْ خَطَايَا وَجْهِهِ مِنْ أطرافِ لِحْيتتِهِ مع الماء".
وقال ابن المنذر: "والأخبار التي رويت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خلل لحيته قد تُكُلِّمَ في أسانيدها، وأحسنها حديث عثمان" (¬2).
وهذا هو الحق، فإنه قد ثبت عن عدد من الصحابة تخليل اللحية، قال ابن المنذر:
حدثنا إسماعيل بن قتيبة ثنا أبو بكر ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: "أنه كان يخلل لحيته" (¬3).
حدثنا يحيى بن محمد ثنا الحجبي ثنا أبو عوانة عن أبي حمزة قال: "رأيت ابن عباس يخلل لحيته إذا توضأ من باطنها، ويدخل أصابعه فيها، ويحك ويخلل عارضيه، ثم يفيض الماء على طول لحيته فيمسحها إلى أسفل" (¬4).
حدثنا إسماعيل ثنا أبو بكر ثنا معتمر بن سليمان عن أبي معين قال: "رأيت أنسًا توضأ فخلل لحيته" (¬5).
ولم يثبت عن أحد منهم أنه أنكره، أو نفاه، وهذا الذي ينبغي أن يُعْتَمَدَ
¬__________
(¬1) انظر: المسائل التي حلف عليها أحمد بن حنبل: (1/ 21).
(¬2) انظر: "الأوسط" (1/ 385).
(¬3) تقدم تخريجه وانظر أيضًا مصنف ابن أبي شيبة: (1/ 20).
(¬4) انظر: مصنف ابن أبي شيبة: (1/ 20).
(¬5) انظر: "الأوسط" (1/ 382).

الصفحة 131