كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

تابعه الحسن بن موسى عن فضيل، ورواه أبو نعيم عن فضيل بن مروزق فوقه، فهذا وإن كان فيه عطية؛ فهو ممن يُعْتَبر بحديثه ويُسْتَشْهَدُ به، وإن لم يكن حُجَّة.
وأما الوقف؛ فقد تقدم نظيره من حديث أبي هريرة؛ فهذه الأحاديث يشدُّ بعضُها بعضًا، وتشهدُ لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري رحمه اللهُ في "المقالات" وغيرها".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"مسألة: ولمس المرأة بشهوة:
ظاهرُ المذهب: أن الرجل متى وقع شيء من بشرته على بشرة أنثى بشهوة انتقض وضوؤه. وإن كان لغير شهوة، مثل أن يقبلها رحمة لها، أو يعالجها وهي مريضة، أو تقع بشرته عليها سهوا وما أشبه ذلك؛ لم ينقض. وعنه: ينقض اللمس مطلقًا، لعموم قوله: (أَوْ لامَستُم النِّسَاءَ) وقراءة حمزة والكسائي: "أو لمستم النساء". وحقيقة الملامسة: التقاء البشرتين، لا سيما اللمس؛ فإنه باليد أغلب، كما قال:
لمست بكفي كـ ـفه أطلب الغنى
ولهذا قال عمر وابن مسعود - رضي الله عنها -: "القبلة من اللمس وفيها الوضوء".
وقال عبد الله بن عمر: "قبلة الرجل امرأته وجسّها بيده من الملامسة".
ولأنه مس ينقض، فلم تعتبر فيه الشهوة كمس الذكر، ولأن مس النساء في الجملة مظنَّة خروج الخارج، وأسباب الطهارة مما نيط الحكم فيها بالمظان بدليل الإيلاج والنوم ومس الذكر.
وعنه: أن مس النساء لا ينقض بحال، لما روى حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُقَبِّلُ بعض نسائه ثم يصلِّي ولا

الصفحة 23