كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

وقال الإمام الترمذي: "والمقصود بالعمل: المنقول عن الصحابة رضوان الله عليهم.
عن عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم -قال: "طَلاقُ الأَمَةِ تَطْلِيقَتَان، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَان" (¬1)، قال محمد بن يحيى: وحدثنا أبو عَاصِمٍ أَنْبَأَنَا مُظَاهِرٌ بهذا. قال: وفي الْبَاب عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ.
قال أبو عِيسَى: حَدِيثُ عَائِشَةَ حَدِيثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلا من حديث مُظَاهِرِ بن أَسْلَمَ، وَمُظَاهِرٌ لا نَعْرِفُ له في الْعِلْمِ غير هذا الحديث، وَالْعَمَلُ على هذا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ من أَصْحَابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ" (¬2).
وقال شيخ الإسلام في الحديث المرسل: "نقول: إذا عمل به جماهير أهل العلم وأرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول، أو روي مثله عن الصحابة، أو وافقة ظاهر القرآن؛ فهو حجة" (¬3).
وقال أيضًا: "والمرسل إذا عمل به الصحابة حجة" (¬4).
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله:
"إنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا قال قَوْلاً، أو حكم بِحُكْمٍ أو أفتى بِفُتْيَا، فَلَهُ مَدَارِكُ يَنْفَرِدُ بها عَنَّا، وَمَدَارِكُ نُشَارِكُهُ فيها، فَأَمَّا ما يَخْتَصُّ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - شَفَاهًا، أو من صحَابِيِّ آخَرَ عن رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-، فإن ما انْفَرَدُوا بِهِ من الْعِلْم عنا أَكْثَرُ من أَنْ يُحَاطَ بِهِ، فلم يَرْوِ كُلٌّ منهم كُلَّ ما سمع، وَأَيْنَ ما سَمِعَهُ الصِّدَّيقُ -رضي الله عنه- وَالْفَارُوقُ وَغَيْرُهُمَا من كِبَارِ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنه- إلَى ما رَوَوْهُ؟ فلم يَرْوِ عنه صِدِّيقُ الأُمَّةِ مِئَةَ حَدِيثٍ، وهو لم يَغِبْ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من مَشَاهِد"؛
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود: (2/ 257)، والترمذي: (3/ 488)، وابن ماجه (1/ 672).
(¬2) انظر جامع الترمذي: (3/ 488).
(¬3) انظر شرح العمدة: (1/ 172).
(¬4) انظر شرح العمدة: (2/ 262).

الصفحة 35