كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

قلت: وهذا دليل بيِّن واضح أن هذا العلم مبناه على الاجتهاد لا على التقليد، كما سيأتي.
ومن أمثلة ذلك: ما قاله الحافظ ابن حجر: "عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري المعروف بابن الغسيل، والغسيل هو حنظلة، قُتِلَ يوم أحد شهيدًا، وهو جنب، فغسَّلته الملائكة، وعبد الرحمن من صغار التابعين، وثقه بن معين والنسائي، وأبو زرعة، والدارقطني.
وقال النسائي مرة: ليس به بأس، ومرة: ليس بالقوي.
وقال ابن حبان: كان يخطئ ويهم كثيراً، مرَّض القول فيه أحمد، ويحيى، وقالا: صالح، وقال الأزدي: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عدي: هو ممن يعتبر حديثه ويكتب.
قلت: تضعيفهم له بالنسبة إلى غيره ممن هو أثبت منه من أقرانه، وقد احتج به الجماعة سوى النسائي" (¬1).
وهذا يدل أن على تضعيف الراوي يكون بالنظر إلى من هو أقوى منه.
وقال الإمام النووى رحمه الله:
"عاب عائبون مسلمًا بروايته في "صحيحه" عن جماعة من الضعفاء، والمتوسطين الواقعين في الطبقة الثانية الذين ليسوا من شرط الصحيح، ولا عيب عليه في ذلك.
بل جوابه من أوجه ذكرها الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله:
أحدها: أن يكون ذلك فيمن هو ضعيف عند غيره ثقة عنده، ولا يقال:
¬__________
(¬1) انظر مقدمة فتح الباري = هدي الساري: (1/ 417).

الصفحة 42