كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

روينا عن سعيد بن عمرو البرذعي: أنه حضر أبا زرعة الرازي وذكر "صحيح مسلم" وإنكار أبي زرعة عليه روايته فيه عن أسباط بن نصر وقطن بن نسير وأحمد بن عيسى المصري، وأنه قال أيضًا: يطرق لأهل البدع علينا، فيجدون السبيل بأن يقولوا إذا احتج عليهم بحديث: ليس هذا في الصحيح! قال سعيد بن عمرو: فلما رجعت إلى نيسابور ذكرت لمسلم إنكار أبي زرعة، فقال لي مسلم: إنما قلت: صحيح، وإنما أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحمد ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إليَّ عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية أوثق منهم بنزول، فأقتصر على ذلك، وأصل الحديث معروف من رواة الثقات" (¬1).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"فإذا عُرِفَ وتقرَّرَ أنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما لا عِلَّةَ له، أو له علَّة إلا أنها غير مؤثرة عندهما؛ فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضًا لتصحيحهما، ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما، فيندفع الاعتراض من حيث الجملة" (¬2).
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله:
"حدثنا عبد الرحمن قال: سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقه مما يقويه؟
قال: إذا كان معروفًا بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه.
حدثنا عبد الرحمن قال: سألتُ أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما
¬__________
(¬1) انظر شرح النووى على صحيح مسلم: (1/ 23 - 26).
(¬2) انظر: "مقدمة فتح الباري" (1/ 347).

الصفحة 44