كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل

فإن الله قد تكفَّل بحفظ سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وكم من حديث لقي القبول عند جماهير المحدثين، فضلاً عن الفقهاء، ولم يكن رجاله من الأئمة الأثبات، بل كان لبعض أهل العلم فيه مقال، أو تعليل، كما تقدم في كلام أئمة الفن.
والشيخ -عليه رحمة الله- جل الأحاديث التي حكم عليها لم ينفرد بتصحيحها، أو تضعيفها؛ بل وافق في ذلك أئمة هذا الشأن، أو بعضهم.
أما القول بالفرق بين منهج المتقدمين والمتأخرين: فهو -وإن كان حقًّا من حيث أن المتقدمين يغلب عليهم الحفظ، والمعاصرين البحث، حتى الدين يردِّدون هذه المقولة- إلا أنه من حيث النتيجة لا يوجد إلا في أذهان بعض طلبة العلم، ولم يقل به أحد من الأئمة الحفاظ بعد القرون المفضَّلة، وقد قال الإمام أحمد: "لا تقل بمسأله ليس لك فيها إمام". وليس عندهم بعد النظر والتحقيق إلا أمثلة قليلة من الأحاديث لا يصح أن يؤسس عليها مثل هذا التأصيل، قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)} [الأعراف: 58] والله المستعان.

وأما ملاحظاتي العامة على كتاب "مستدرك التعليل" ومؤلفه، فهي كما يلي:
1 - الضعف في ضبط الأصول من أمهات الكتب، وانظر الكلام على الحديث رقم: 16، 28، 62، 44.
2 - الإغراق في تعليل الأحاديث عن طريق التقليد، انظر الحديث رقم: 19 - 35.
3 - نقص الخبرة في فهم عبارات أهل العلم، انظر الحديث رقم: 5 - 7.
4 - الغفلة عن منهاج أهل العلم في تقوية الأحاديث.

الصفحة 69