كتاب رد الجميل في الذب عن إرواء الغليل
ثم قلتَ: هذا الحكم لا يؤخذ على إطلاقه، بل إذا ظهر من خلال دراسة الأسانيد أن سماك اضطرب في حديث معين من رواية شعبة والثوري، فيُحكم عليه بالاضطراب.
فظاهر كلامكَ أنكَ مقرٌّ من حيث الجملة بما قرَّره الحافظ.
لكنك عُدْتَ وقرَّرتَ أن رواية شعبة عنه مضطربة أيضاً على سبيل العموم بما فهمته من كلام الإمام أحمد وعلي بن المديني، ثم قلتَ: حتى في رواية شعبة وسفيان أحيانًا.
ثم نقلتَ عن الدارقطني قوله: "اختلف في هذا الحديث على سماك، ولم يقل فيه: عن ميمونة؛ إلا شريك".
ثم أعللتَه بالتفرُّد، ونقلت عن أحمد: "لم يجيء لحديث سماك غيره".
ثم أعللتَه بالاضطراب، ونقلتَ عن أحمد أنه روي موصولاً، ومرسلاً، وهكذا الدارقطني: "اختلف في هذا الحديث على سماك".
ثم قلتَ: إنه يخالف الأحاديث الصحيحة، لأن الأحاديث الصحيحة دلَّتْ على أنهما اغَتسَلا جميعًا.
فالجواب: ينبغي أن نعلمَ أولاً كلام أهل العلم في سماك، فقد احتج به مسلم في "صحيحه"، واستشهد به البخاري في "الجامع الصحيح".
وقال عبد الرزاق عن الثوري: ما سقط لسماك بن حرب حديث.
وقال صالح بن أحمد عن أبيه: سماك أصلح حديثًا من عبد الملك بن عمير.
وقال أبو طالب عن أحمد: مضطرب الحديث.
وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم عن يحيى بن معين: ثقة، وكان شعبة يضعفه.
وقال ابن المبارك عن الثوري: ضعيف.
الصفحة 93
382