كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

قال الإمام القرطبي - رحمه الله -: {وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} لم يخالفوه في شيء، قال سفيان الثوري: {وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ} يريد أن إيمانهم هو الحق من ربهم، وقيل: أي أن القرآن هو الحق من ربهم، نسخ به ما قبله.
{كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} أي: ما مضى من سيئاتهم قبل الإيمان. {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي: شأنهم، عن مجاهد وغيره. وقال قتادة: حالهم. وابن عباس: أمورهم. والثلاثة متقاربة وهي متأولة على إصلاح ما تعلق بدنياهم. وحكى النقاش أن المعنى أصلح نياتهم ... وهو على هذا التأويل محمول على صلاح دينهم). (¬1)
قال الإمام الشنقيطي - رحمه الله -: (أي غفر لهم ذنوبهم، وتجاوز لهم عن أعمالهم السيئة {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي: أصلح لهم شأنهم وحالهم إصلاحاً لا فساد معه) (¬2)
قال الإمام الطبري - رحمه الله -: {وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}: وأصلح شأنهم وحالهم في الدنيا عند أوليائه، وفي الآخرة أن أورثهم نعيم الأبد والخلود الدائم في جنانه. (¬3)
هذه هي الثمرات الزكية والفضائل المرضية، وحسن الجزاء في الدنيا والآخرة للعاملين بالقرآن الكريم، المتمسكين بأوامره، فهل من مشمر عن ساعد الجد لنيل تلك الدرجات، والفوز برضا رب البريات.
¬_________
(¬1) تفسير القرطبي (16/ 191).
(¬2) أضواء البيان (7/ 245).
(¬3) تفسير الطبري (26/ 39) طبعة دار الفكر.

الصفحة 259