كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

أولاً: العادات والتقاليد:
إن من أهم أسباب هجر العمل بالقرآن الكريم في أي زمان ومكان التمسك بالعادات والتقاليد والمحافظة عليها وعدم التحرر من رقها.
يقول تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (104) سورة المائدة
قال الإمام ابن كثير - رحمه الله -: (أي إذا دعوا إلى دين الله وشرعه وما أوجبه، وترك ما حرمه، قالوا يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك.
قال الله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (104) سورة المائدة. أي لا يفهمونه حقاً، ولا يعرفونه ولا يهتدون إليه، فكيف يتبعونه والحالة هذه، لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلاً). (¬1)
إنها العبارات والكلمات التي قيلت للرسول المصطفى والنبي المجتبى - صلى الله عليه وسلم -، هي هي نفسها التي تقال لكل من دعا إلى الله ورسوله في كل عصر ومصر، وصدق الله إذ يقول: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (53) سورة الذاريات.
¬_________
(¬1) تفسير ابن كثير (2/ 112).

الصفحة 265