كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن

فإذا وافى الله - عز وجل - يوم القيامة يتبرأ من الشيطان الذي وُكِّلَ به: {قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} (38) سورة الزخرف) (¬1).
11 - الحسرة والندامة يوم القيامة.
قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} (27 - 29) سورة الفرقان.
12 - وقوعه تحت شكوى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال تعالى: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان
قال الإمام الشنقيطي - رحمه الله -: (وهذه شكوى عظيمة، وفيها أعظم تخويف لمن هجر هذا القرآن العظيم، فلم يعمل بما فيه من الحلال والحرام والآداب والمكارم، ولم يعتقد ما فيه من العقائد، ويعتبر بما فيه من الزواجر والقصص والأمثال) (¬2).
فكيف يكون حال من هجر القرآن مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة؟ وإذا به يتجه مع المسلمين - وكله شوق وحنين - لرؤية النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - ليشرب من يده شربة هنيئة، لا يظمأ بعدها أبداً، فإذا به يفاجأ بالملائكة تطرده عن الحوض، وتبعده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أمتي أمتي» فتقول الملائكة: إنك لا تدري ماذا أحدثوا من بعدك، فيدعو عليهم رسول الله بالهلاك والدمار فيقول: «سُحْقاً سُحْقاً».
¬_________
(¬1) المرجع السابق (4/ 128) بتصرف.
(¬2) أضواء البيان (6/ 48) طبعة دار الفكر.

الصفحة 28