كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله: (هذه وصية من الله - عز وجل - لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيل الله، وقد توعد تبارك وتعالى من ضل عن سبيله، وتناسى يوم الحساب، بالوعيد الأكيد والعذاب الشديد. روى ابن أبي حاتم عن إبراهيم أبي زرعة - وكان قد قرأ الكتاب - أن الوليد بن عبد الملك قال له: أيحاسب الخليفة؟ فإنك قد قرأت الكتاب الأول، وقرأت القرآن وفقهت، فقلت: يا أمير المؤمنين أقول؟ قال: قل في أمان الله، قلت: يا أمير المرمنين أنت أكرم على الله أو داود عليه الصلاة والسلام؟! إن الله تعالى جمع له النبوة والخلافة ثم توعده في كتابه فقال تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} الآية.
وقال عكرمة: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} هذا من المقدم والمؤخر، لهم عذاب شديد يوم الحساب بما نسوا.
وقال السدي: لهو عذاب شديد بما تركوا أن يعملوا ليوم الحساب. وهذا القول أمشى على ظاهر الآية. والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب) (¬1).
الدليل السادس:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59) سورة النساء.
¬_________
(¬1) المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير ص (1172 - 1173) طبعة دار السلام بالرياض بإشراف الشيخ / صفي الرحمن المباركفوري.
الصفحة 372
416