كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: ({أَطِيعُوا اللَّهَ} أي: اتبعوا كتابه {وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} أي: خذوا سنته {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} أي: فيما أمروكم به من طاعة الله لا في معصية الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله. كما تقدم في الحديث الصحيح: " إنما الطاعة في المعروف " (¬1).
وقوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} قال مجاهد وغير واحد من السلف: أي إلى كتاب الله وسنة رسوله وهذا أمر من الله - عز وجل - بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال، ولهذا قال تعالى: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ} أي: ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله، فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم: {إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر، وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} أي: التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، والرجوع إليهما في فصل النزاع خير: {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي: أحسن عاقبة ومآلاً، كما قال السدي وغير واحد. وقال مجاهد: وأحسن جزاء. وهو قريب) (¬2).
¬_________
(¬1) انظر فتح الباري (13/ 130).
(¬2) المصباح المنير ص (303).
الصفحة 373
416