كتاب فتح الرحمن في بيان هجر القرآن
وآثروه عن عكرمة وابن عباس) (¬1).
18 - وقال صاحب المنار - رحمه الله -:
(وقد استحدث كثير من المسلمين من الشرائع والأحكام نحو ما استحدث الذين من قبلهم، وتركوا - بالحكم بها - بعض ما أنزل الله عليهم، فالذين يتركون ما أنزل الله في كتابه من الأحكام من غير تأويل يعتقدون صحته، فإنه يصدق عليهم ما قاله الله في الآيات الثلاث أو في بعضها، كل بحسب حاله:
- فمَنْ أعرض عن الحكم بحد السرقة، أو القذف، أو الزنى، غير مذعن له لاستقباحه إياه، وتفضيل غيره من أوضاع البشر عليه فهو كافر قطعاً.
- ومَنْ لم يحكم به لعلة أخرى فهو ظالم إن كان في ذلك إضاعة الحق أو ترك العدل والمساواة فيه، وإلا فهو فاسق فقط.
- فإننا نرى كثيرين من المسلمين المتدينين يعتقدون أن قضاة المحاكم الأهلية الذين يحكمون بالقانون كفاراً أخذاً بظاهر قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، ويستلزم الحكم بتكفير القاضي الحاكم بالقانون تكفير الأمراء والسلاطين الواضعين للقوانين، فإنهم وإن لم يكونوا ألفوها بمعافهم، فإنها وضعت بإذنهم، وهم الذين يولون الحكام ليحكموا بها ..
أما ظاهر الآية فلم يقل به أحد من أئمة الفقه المشهورين، بل لم يقل به أحد (قط)!!! (¬2).
¬_________
(¬1) محاسن التأويل (6/ 1998).
(¬2) تفسير المنار (6/ 405 - 406).
الصفحة 387
416