كتاب التيجان في ملوك حمير

ببابل فخلف بها من أحب أن يخلف مما جرى عليه من الأعاجم، وسار على وجهه ذلك إلى خراسان، وفي ذلك يقول الشعر الذي قال على الباء. قال معاوية: فاسمعني قوله؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. فأنشد عبيد عند ذلك:
أرقت وما ذاك بي من طرب ... ولكن تذكر ما قد ذهب
تذكر ما أفت مما مضى ... وهل يطرب الثائر المغتصب
وأمر هممت بإمضائه ... إذا الهم خالطني والنصب
وأوتيت ملكاً من الله هاج ... فطم على خلقه والتهب
حباني به الله من عنده ... ولم به صدعنا والشعب
نعم البلاد ونغشى النجاد ... عزيزي المعادة والمنقلب
نهد الحصون ونعلو الحزون ... ونبكي العيون بكاء الحرب
فدان به الناس طر لنا ... وقد خاب من جاءني بالكذب
توارث ذلك آباؤنا ... قديم الزمان أبا بعد أب
لقد رمت أمراً فأمضيته ... ومثلي إذا رام أمراً صلب
أعالج أمراً لإمضائه ... وذو العز همي وذاكم أرب
وخبرت بالصين لي بغية ... ثياب الحرير وكنز الذهب
فسرت إليهم بجيش لهام ... شديد الزهاء كثير اللجب
بأبناء قحطان من حمير ... بهاليل اسد صميم الحسب
بأبطال قومي شم الأنوف ... كرام الجدود السراة النجب
غزوت الأعاجم في أرضها ... فأعطوا القياد وخلوا السلب
ولما هبطنا بلاد السواد ... وفر قباذ سريع الهرب
فاتبعته شمراً ذا الجناح ... فسار حثيثاً سريع الطلب

الصفحة 486