كتاب التيجان في ملوك حمير

فكان ببابل يوم لهم ... طويل العناء شديد الكلب
فلما انتهوا عند غيبوبة ... من الشمس كفوا وقل الصخب
فيسقون سماً ويسقونه ... بأسياف صدق كمثل الشهب
قفر قباذ وأشياعه ... وكان العزيز بها من غلب
وأضحوا كأن لم يكونوا بها ... كذاك الزمان إذا ما انقلب
وطاروا ومروا أقاضي البلاد ... فزالت همومي وولت كرب
سبقنا البرية في غزونا ... بحمل المزاد ونوط القرب
ولبس الدروع وقود الجياد ... إذا ما قضينا قضاء وجب
فدانت معد لنا عنوة ... وكلهم ما لهم من حسب
فمنهم رعاء لأموالنا ... عليهم خراج لنا مغتصب
نميراً جعلت لحوك البرود ... وحل النعال ووضع اليلب
خزيمة كان عليها الدباغ ... وقد السيور وفتل السلب
تميماً جعلت لبري القداح ... وشحذ النصال ورصف القصب
وقيساً وضعت بأرض الحجاز ... لنسج العباء وخرز القرب
هذيلاً جعلت لنحت البرام ... وكانت كنانة فيها القتب
جعلت الرباب لحفر البئار ... وميح الدلاء عليها الكرب
سليماً جعلت لسقي الحجيج ... كذاك اليماني إذا ما غضب
جعلت ربيعة تهدي الطريق ... مناراً على القصد حيث الشعب
وازداً تركت بأرض عمان ... ليوث المغازي كرام الحسب
إرادة أن يسكنون بها ... وإن يقتلون بها من نصب
ومنهم جعلت بأرض الحجاز ... لمن شذ من أهلها أو هرب
قضاعة منا إذا ينسبون ... وفي غيرنا الدار والمغترب
وحيدان منا وهم معشري ... إذا ما غضبنا أجدوا الغضب

الصفحة 487