كتاب التيجان في ملوك حمير

إذا القوا مع القرناء عجوا ... وقد ذاقوا المذلة والتبابا
واعرض دونها حرس شداد ... بعيد رحمهم خلقوا غضايا
بأيديهم مقامع من حديد ... بحر النار تضطرب اضطرابا
إذا قرنوا الشقي وصار فيها ... علوه بالمقامع ثم غابا
وصبوا فوق رؤوسهم جميعاً ... وأسقوهم وكان لهم شرابا
ألم تعلم بأن الله ينشي ... سحاباً ثم يردفه سحابا
قال معاوية: لله درك يا عبيد انك لتحدثني عجباً ما شفاني عنهم وعن أخبارهم وما كان منهم أحد غيرك. فاخبرني عن قتل أسعد الكامل؟ كيف كان ولم قتله قومه؟ قال عبيد: يا أمير المؤمنين إن قوم تبع لما هموا بقتله - وكان سبب ذلك أن حبرين من اليهود من اليمن دخلا عليه فأحب أمرهما وما هما عليه ورأى أن الذي هما عليه أفضل فآمن بالله وصدق بنبيه موسى بن عمران - عليه السلام - وما انزل الله من التوراة. فأمر الحبرين أن يدعوا إلى دينهما في لطف ورفق ففعلا ما أمرهما. فلما رأت ذلك حمير خرجوا إلى نبع فقالوا: لأهلكتنا بالغزو فصبرنا لذلك فأما على ديننا وما كان عليه آباؤنا فلا نصبر لك، فقد فرقتنا في البلدان فأتعبتنا فاقتل عنا هذين الحبرين. قال: معاذ الله أن أقتلهما وهما مني في ذمة فعليكم بهما فكلموهما وحاكموهما إلى من شئتم. فأجمع رأيهم أن يحاكموهما
إلى النار في اليمن - يقال أنها كانت بصنعاء - فانطلقوا حتى أتوا النار فنحروا عليها الجزر وقربوا القربان، ثم تقرب الحبران فلم يزالا يقرآن كتاب الله من التوراة حتى خرجت لهما فمضيا فيها حتى جاوزا ودعا تبع سادة أهل اليمن فاجتمعوا وأرسلت النار نحوهم فأحرقتهم ونجا الحبران وأمرا النار أن تطفأ فطفأت. قال: فثارت عليه حمير وأرادوا قتله فقال: لا تعجلوا علي حتى أوصيكم وأوصي ابني حسان. فقال طائفة منهم اقتلوه، وقالت طائفة

الصفحة 493