كتاب التيجان في ملوك حمير

فموتوا كراماً أو أميتوا عدوكم ... بضرب تلظى كالظرام من الجزل
وإلا فخلوا بطنها وتحملوا ... إلى بلد قفز وهزل من الهزل
ولا تجزعوا يا قوم للحرب إنما ... يقوم رجال للمعالي على رجل
فيهلك فيها كل وغد موكل ... ويسلم فيها ذو النجادة والفضل
قال: فلما سمعت جديس قولها استحقموا غضباً وتلضوا كلباً فقام الأسود ابن العفار - وكان فيهم سيداً مطاعاً - فقال: يا معشر جديس أطيعوني فيما أمرتكم وأدعوكم إليه فانه عزكم الدهر وذهاب الذل عنكم. قالوا وما ذاك؟ قال: والله لتطيعوني أو لأتكين على سيفي هذا حتى يخرج من صلبي. قالوا: لك الطاعة علينا فما ذلك؟ قال: إني صانع للملك وقومه طعاماً، ثم أدعوه إليه فإذا هم أقبلوا يرفلون في حللهم نهضنا إليهم بأسيافنا، ثم أخذ كل رجل منكم جليسه فضربه بسيفه. قالت العفيرة: لا تعذرون يا أخي وباد القوم في ديارهم تظفروا وتقدروا، فأبوا أن يطيعوها. فقالت العفيرة في ذلك شعراً تريد أن تسمع قومها - فأنشأت تقول:
لعمرك ما في الغدر إذ تركبونه ... وفاء ولا عذر وما فيه من حصن
رأيت لواء الغدر في كل مجمع ... من الناس نصباً للمذلة واللعن
ولا خير في الأقوام حتى يكاثروا ... بناهضة الأبطال قرناً إلى قرن
فإن مرام الغدر يا قوم فاعلموا ... صغار بتقصير من الغدر في الأمن
وقالت العفيرة في ذلك أيضاً:
لا تغدرون فإن الغدر منقصة ... وكل أمر له غب وإن ظفرا
إن أخاف عليكم مثل تلك غدا ... وفي الأمور بنا عذر لمن نظرا
كروا عليهم كراراً في مضارخة ... فكلكم باسل نرجو له الظفرا

الصفحة 497