كتاب موسوعة الأخلاق - الخراز

الله مواعظه، فوجلت منه قلوبهم، واطمأنت إليه نفوسهم، وخشعت له جوارحهم، ففاقوا الناس بطيب المنزلة، وعلوّ الدرجة عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة".
وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "ليس العاقلُ الذي يعرف الخيرَ من الشر، ولكنه الذي يعرف خير الشرين".
وقالت عائشة رضى الله عنها: " قد أفلح من جعل الله له عقلًا" اهـ (¬1).
قلت: هذه ثمرة العقل، وفضل العقلاء، أما من طَالَع أحوالَ الجَهلة يَرى عَجَبًا لسُوء أخْلاقهم مع ما عندهم من نِعَمة العقل.
قال بعضُ الحكماء: الأدب صورة العقل، فصور عقلك كيف شئت.
وقال آخر: العقلُ بلا أدب كالشجر العاقر، ومع الأدب كالشجر المثمر.
وقال بعضُ البلغاء: الفضل بالعقل والأدب، لا بالأصل والحسب؛ لأن من ساد أدبه ضاع نسبه، ومن قلَّ عقلُه، ضلَّ أصلُه.
وقال بعضُ العلماء: الأدب وسيلة إلى كُلِّ فضيلة، وذريعة إلى كل شريعة.
"والواجب على العاقل: أن يكون حسن السَّمْت (أي الهيئة)، طويلَ الصَّمْتِ، فإنَّ ذلك في أخْلاق الأنبياء، كما أن سُوء السَّمت وترك الصَّمت من شِيم الأَشقِيَاء".
قلت: فكل من منعه عقله عما لا ينبغي، فهو من جمله العقلاء، ثم بِأيّ شيء يفخر المرءُ إذا كانت أخلاقُه سيئة، وطِباَعُه قبيحةٌ؟! وعلى ماذا
¬__________
(¬1) "روضة المحبين" (38).

الصفحة 13