كتاب صلاة الاستخارة مسائل فقهية وفوائد تربوية

الفائدة الثانية
دل الحديث بمفهومه على أن الاستخارة لا تشرع عند الخواطر؛ والأفكار التي تسبق للذهن، والتي لا يكاد يسلم منها أحد غالبًا، لقوله في إحدى روايات الحديث: (إذا أراد أحدكم الأمر).
فالهمّ المطلق في الرواية الأولى بينته الإرادة في الرواية الثانية، ويخرج عن ذلك الخواطر، ولهذا لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستخير في كل ما خطر له، وإنما تشرع الاستخارة فيما يستدعي ذلك.

الفائدة الثالثة
الاستخارة في الحديث تشمل حالتين، هما:
الحالة الأولى: طلب الخير في الأمر، وهذا مأخوذ من معناها اللغوي، فإن:
الاستخارة لغة: طلب الخير في الشيء (1).
فعلى هذا كل من تردد وأراد طلب الخير في أمر من الأمور؛ فعليه بصلاة الاستخارة؛ لأن هذا مقتضي معناها اللغوي، ويؤيده أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا هم) والهم يشعر بالتردد.
الحالة الثانية: تشمل أيضًا إذا أراد الإنسان فعل أمر ما، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (إذا أراد أحدكم).
وعلى هذا فعلى من أراد فعل أمر من الأمور فعليه أيضًا أن يستخير الله قبل فعله، والفرق بين الحالتين يظهر في حال التردد وعدمه.
فالحالة الأولى: يكون مترددًا في فعل أمر؛ لأنه لا يعلم هل يكون فيه الخير أم لا؟
والحالة الثانية: ليس مترددًا في الفعل، لكنه يريد الاستخارة أيضًا.
__________
(1) لسان العرب 5/ 351.

الصفحة 42