كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

فتوضع علي صدره، ثم يقول له: لا والله، لا تزال هكذا حتى تموت، أو تكفرَ بمحمد، وتعبد اللات والعزى. فيقول وهو في ذلك: أحدٌ أحد (¬1).
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا مرّ بعمّار بن ياسر وأمّه وأهل بيته وهم يُعذّبون، يقول: "صبرًا آل ياسر، فإِنّ موعدكم الجنّة" (¬2).
ومرَّ الخبيثُ عدوُ اللهِ أبو جهل عمرو بن هشام بسميّة أم عمار (¬3)، وهي تعذَّب وزوجَها وابنَها، فطعنها بحربة في فرجها فقتلها، - رضي الله عنها - وعن ابنها وزوجها (¬4).
وكان الصديق رضي الله تعالى عنه إِذا مرّ بأحد من الموالي يعذَّب يشتريه من مواليه، ويعتقه، منهم: بلال وأمّه حمامة، وعامر بن فهيرة، وأم عبيس، وزنيرة، والنهدية وابنتها، وجارية بني عدي، كان عمر يعذّبها علي الإِسلام قبل أن يسلم (¬5)؛ حتى قال أبوه أبو قحافة: (يا بني، أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أعتقت قومًا جُلْدًا يمنعونك. فقال له أبو بكر: إِنيّ أريد ما أريد. فيقالُ: إِنه نزلت فيه: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} إِلى أخر السورة (¬6).
وكانت سيدة خبّاب بن الأرت - رضي الله عنه - توقد نارًا فتلقيه عليها، فلا يطفئ لهيبها إِلاّ ودك ظهره (¬7).
¬__________
(¬1) سيرة ابن هشام (1/ 137).
(¬2) رواه الطبراني في الأوسط، قال الهيثمي في المجمع (9/ 293): (ورجاله رجال الصحيح غير إِبراهيم بن عبد العزيز المقوم، وهو ثقة).
(¬3) سميّة بنت خياط، كانت أمةً لأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي، وكان ياسر حليفًا لأبي حذيفة، فزوّجه سميّة، فولدتْ له عمّارًا، فأعتقه أبو حذيفة. انظر: أسد الغابة (5/ 481)
(¬4) طبقات ابن سعد (8/ 264 - 265).
(¬5) انظر: البداية والنهاية لابن كثير (4/ 145) تحقيق التركي.
(¬6) سيرة ابن هشام (1/ 319). والآيات من سورة الليل 17 - 18.
(¬7) حلية الأولياء لأبي نعيم (1/ 134 - 144).

الصفحة 112