كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

الإسراء والمعراج
قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1).
قال الزهريّ: (أُسْريَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إِلى المدينة بسنة) (¬2).
أسْرِيَ به - صلى الله عليه وسلم - بجسده يقظة لا مناما -على الصحيح من قول الصحابة والعلماء- من المسجد الحرام إِلى بيت المقدس راكبًا البُراق صحبةَ جبريل -عليه السلام-، فنزل ثَمَّ، وأمَّ بالأنبياء ببيت المقدس فصلَّى بهم (¬3)، وربط البُراق بحلقة باب المسجد.
وقد عُرِجَ به تلك الليلة إِلى السماء الدنيا، ثم للتي تليها، ثم الثالثة، ثم إِلى التي تليها، ثم الخامسة، ثم التي تليها، ثم السابعة، ورأى الأنبياء في السموات على منازلهم، ثم عرج به إِلى سدرة المنتهى، ورأى عندها جبريل على الصورة التي خلقه الله عليها، وفرض الله عليه الصلوات الخمس تلك الليلة (¬4).
وقد ساق الإمام البخاري حديث الإسراء والمعراج عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به: (بينما أنا في الحطيم، وربما قال في الحِجر، مضطجعا، إِذ أتاني آت قال: وسمعته يقول: فشق -ما بين هذه إِلى هذه- فقلت للجارود وهو إِلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثغرة نحره إِلى شِعْرته، فاستخرج قلبي، ثم أُتِيت بطست من ذهب مملوءة إِيمانا، فغسل قلبي، ثم حُشي ثم أعيد، ثم أُتِيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض- فقال له الجارود: هو
¬__________
(¬1) سورة الإسراء، آية 1.
(¬2) ابن هشام، المصدر السابق (1/ 396).
(¬3) انظر: صحيح مسلم في الإيمان ح (172).
(¬4) انظر: صحيح البخاري، بدء الخلق، باب ذكر الملائكة ح (3270).

الصفحة 136