كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)
وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إِسرائيل أشد المعالجة، فأرجع إِلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلم، قال: فلما جاوزت نادى مناد: أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي (¬1).
ولما أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، أخبرهم بما أراه الله من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم، واستجراؤهم عليه.
وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلَّاه الله له حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته وهو ينظر إِليه (¬2).
وأخبرهم عن عِيْرِهم -أي قافلتهم- في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدُمُها، وكان الأمرُ كما قال، فلم يزدهم ذلك إِلَّا نفورًا، وأبى الظالمون إِلَّا كفورًا (¬3).
دروس وعبر:
1 - لقد كانت حادثة الإِسراء والمعراج تسلية للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - مّما أصابه من فقد زوجه خديجة - رضي الله عنها -، وموت عمّه أبي طالب، وأذى المشركين له، وإِكرام من الله له ليريه من آياته الكبرى.
2 - وقد كانت فتنة لبعض الناس، وعظُم تكذيب قريش له، ولم يتصورا قدرة الله وإِنما نظروا للأمر نظرة مادية، فقد كانوا يضربون أكباد الإِبل إلى بيت المقدس شهرًا، ويعودون منها شهرًا، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يذهب إِليها ويعود منها من ليلته!!. والذين كذبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصة الإِسراء واستبعدوا وقوعه غفلوا عن شيء
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب المعراج ح (3887)
(¬2) المصدر السابق ح 3886.
(¬3) انظر: زاد المعاد (3/ 39).
الصفحة 139
320