كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

وبعث معهم أبو عبيدة بن الجراح -حسب رغبتهم في رجل أمين- ووصفه بأنه أمين هذه الأمة (¬1).
وكانوا يعلمون أنه رسول الله حقا، كما في خبر أبي حارثة وأخوه كوز بن علقمة عندما عثرت بغلة أبي حارثة، فقال كوز: تعس الأبعد -يريد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو حارثة: بل أنت تسعت، فقال كوز: لم يا أخي؟ فقل: والله إِنه للنبي الذي كنا ننتظره، فقال له كوز: وما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ فقال له: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرَّفونا وموَّلونا وأخدمونا، وقد أبوا إِلا خلافه، ولو فعلتُ نزعوا منا كلَّ ما ترى قال: فأضمر عليها منه أخوه كوز حتى أسلم بعد ذلك (¬2).

6 - وفد بني عامر بن صعصعة
وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنو عامر بن صعصعة من هوازن، وفيهم من أشرافهم عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس، وجَبّار بن سَلْمى، وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم.
وأضمر عامر الغدر برسول - صلى الله عليه وسلم -، وقال له قومه: إِن الناس قد أسلموا فأسلم. قال: والله لقد كنت آليتُ ألا أنتهي حتى تَتْبع العربُ عَقِبي فأنا أتبع عَقِب هذا الفتى من قريش، واتفق مع أربد على أن يشاغل الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأربد يقتله بالسيف، فطلب عامر من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخليه (أي يساره) فأبى أن يخلي مشركا، فلما قاما قال لأربد: أين ما كنتُ أمرتك به؟ قال أربد: والله ما هممتُ بالذي أمرتني به إِلا دخلتَ بيني وبن الرجل حتى ما أرى غيرك، أفأضربك بالسيف؟! (¬3)
¬__________
(¬1) صحيح البخاري ح رقم 4381.
(¬2) ابن هشام، المصدر نفسه 1/ 573 قال ويقال: اسمه كرز.
(¬3) ابن هشام، المصدر نفسه 2/ 568.

الصفحة 283