كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

أما أخلاقه
فإِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل الخلق وأكملهم وهو قدوة المسلمين، وقد اتصف بجميع صفات الكمال البشري، قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (¬1). ولخصت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - خلقه بقولها: كان خلقه القرآن. ومن أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - الصدق حيث لم يكن يتهم بخلافه حتى عند من يعاديه، وكان مثالًا للأمانة حتى لُقِّب بالصادق الأمين من قبل النبوة والرسالة، وكانت قريش تضع أموالها عنده.
وكان - صلى الله عليه وسلم - مثالا للحلم والصبر، فمع كل الأذى الذي لحقه منهم إِلا أنه قال: اللهم اغفر لقومي فإِنهم لا يعلمون (¬2).
وكان - صلى الله عليه وسلم - حييًا أشد حياءً من العذراء في خدرها (¬3).
ولم ينتقم - صلى الله عليه وسلم - لنفسه، ولم يغضب لها إِلا أن تنتهك حرمات الله تعالى، وإِذا غضب لله لم يقم لغضبه أحد، وما خير - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين إِلا اختار أيسرهما ما لم يكن إِثما، فإن كان إِثمًا كان أبعد الناس منه. (¬4) وما عاب - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط إِن اشتهاه أكله، وإِن لم يشتهه تركه (¬5). وكان لا يأكل متكئًا (¬6). قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: خرج - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير، هو وأهل بيتة (¬7). وكان يأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيت من بيوته نار، كان قوتهم الماء والتمر، قالت عائشة - رضي الله عنها -: إِلا أن حولنا أهل دور
¬__________
(¬1) سورة القلم، آية 4.
(¬2) رواه البخاري ح 6929، ومسلم ح 1792.
(¬3) المصدر نفسه ح3562.
(¬4) المصدر نفسه ح 356، ومسلم ح 2327.
(¬5) المصدر نفسه ح 5409، ومسلم 2064.
(¬6) المصدر نفسه ح 5398.
(¬7) المصدر نفسه ح 5414.

الصفحة 303