كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

وانقياد الأشجار والبهائم لأمره - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، وشهادة الذئب ببعثته ونبوته (¬2)، وانشقاق القمر نصفين عندما طلبت قريش آية حتى رأوا ذلك (¬3)، وتحقق وعد الله له بهزيمة المشركين في بدر، قال تعالى في سورة القمر المكية: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (¬4)، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العريش يوم بدر وهو يتلو هذه الآيات، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - بمصارع القوم في بدر وقال لأصحابه: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، فما جاوز رجل منهم
مصرعه (¬5)، واخبر عن مقتل أمراء مؤتة قبل أن يأتي الخبر بمقتلهم (¬6).
3 - ما وقع بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - مما أخبر أنه سيقع فوقع كما أخبر فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن فتح الحيرة، وبلاد فارس، وكثرة المال، ففي صحيح البخاري عن عدي بن حاتم قال: بينما أنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذ أتاه رجل فشكا إِليه فاقة، ثم أتاه آخر فشكا إِليه قطع السبيل، فقال: يا عدي بن حاتم: هل رأيت الحيرة؟ فقلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها. قال: فإِن طالت بك حياة: لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إِلا الله. قلت: - فيما بيني وبين نفسي -فأين دُعّارُ (¬7) طيء الذين سَعَّروا البلاد؟. ولئن طالت بك حياة: لتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز!! قال: كسرى بن هرمز. ولئن طالت بك
¬__________
(¬1) سنن ابن ماجة، ح رقم: 4028 وقال في الزوائد إِسناده صحيح.
(¬2) موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، ص 519.
(¬3) صحيح البخاري، ح رقم 3636 - 3638 وصحيح مسلم، ح رقم 2800 - 2803.
(¬4) سورة القمر، الآيات: 44 - 45.
(¬5) صحيح البخاري، ح رقم: 4876.
(¬6) المصدر نفسه، ح رقم: 4262
(¬7) دعار: جمع داعر، والداعر: الخبيث المفسد، والمراد هنا قطاع الطريق (النهاية في غريب الحديث والأثر مادة:
دعر 2/ 119.

الصفحة 36