كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

المنزل، وعند الخروج منه، وعند النوم، وعند دخول المسجد، وفي السفر، وعند ركوب الدابة ... إِلخ). وكثرة الاستغفار والتوبة واللجوء إِلى الله، وكذا الصيام، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحسن المعاشرة للناس ولأهله.
* الزهد في الدنيا، والزاهد هو الذي يجعل الدنيا في يده لا في قلبه، فينفق ما يحصله منها في طاعة الله، مما يجب عليه من النفقات، وفي سد حاجة المحتاجين، فإِن هذا الإنفاق هو الباقي للإِنسان، الذي يحسب في رصيده في الآخرة، فقد روت عائشة - رضي الله عنها -: أنهم ذبحوا شاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما بقي منها؟ قالت: ما بقي إِلا كتفها. قال: «بقي كُلُها غير كَتِفِها» (¬1).
فهذا الحديث وأمثاله يبين حقيقة معنى الزهد، وأنه فعل إِيجابي تجاه النفس والمجتمع، وليس أمرًا سلبيًا- كما قد يفهم البعض- أو قعودا عن الكسب والعمل، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول» (¬2).
وقد قال أهل العلم: إِن الزهد هو ترك ما لا ينفع في الآخرة (¬3). أي والحرص على ما ينفعك في الآخرة.
* الورع، وهو: ترك ما تخشى عقوبته شي الآخرة. أي مما لم تتضح حرمته لكن فيه شبهة، أو في تركه صيانة للعرض، أما المحرم فمن الواجب تركه وليس من الورع فحسب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن وبينهما أمور مشتبهات، فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه عرضه» (¬4). فالورع استبراء للدين والعرض.
¬__________
(¬1) سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة، باب رقم 33 ح رقم: 2470 وقال: حديث صحيح.
(¬2) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة، برقم: 1042.
(¬3) انظر مجموع الفتاوى 10/ 615 وما بعدها.
(¬4) صحيح البخاري، ح رقم: 52، 2051.

الصفحة 47